|
معبد
عين دارا الأثري
معبد عين دارا في عفرين
الترجمة عن الإنكليزية
الباحث الأثري مجيد مجيد
عن مقالة كارول ميللر باحثة اثرية أمريكية
هذه الأراضي المشجرة ببساتين الرمان وأيك من أشجار الزيتون
, ومزارع كردية , وصفوف من القرى المصفوفة إلى مابعد نهر
الفرات , حيث تمتد إلى الأسطورة , نعم أنها أرض ادم .
نهر عفرين تلك الوادي الخضراء والخصبة , بمحاصيلها الفاخرة
وأراضيها المعشبة , ونهر العاصي المتدفق والجاري منذ الأزل
ضمن سهل العمق .
حيث بإمكان المرء أن يجد هنا العديد من المواقع الأثرية ,
تمتد من البحر المتوسط إلى منابع نهر الخابور والفرات .
ويعتبر موقع عين دارا واحدة من أهم هذه المواقع التي تقع
شمال غرب مدينة حلب على مسافة 60 كيلو متر , حيث كانت
تتوسط على طول الطريق التجاري الحيوي مابين موقع كورش
(قلعة النبي هوري الحالية ) وموقع انتيوخ ( أنطاكية
الحالية ) .
حيث تم تنقيب الموقع من قبل البعثة السورية الوطنية برئاسة
علي أبو عساف في أعوام 1976- 1978 وأعيدت التنقيب في أعوام
1980 � 1985
ودلت النتائج إن الموقع تمتد إلى عصر البرونز المتأخر حيث
تتالت على الموقع كل من الفترات التالية : الإسلامية ,
البيزنطية , الرومانية , الهلينيستية , واليونانية .
ولكن من أهم الاكتشافات كانت تلك التي اكتشفت في السوية
الرابعة , حيث تم الكشف عن المعبد الحثي الجميل التي تمتد
تاريخها من 1300 � 740 ق.م .
ومن أجمل روائع هذا الموقع تلك التماثيل ذات الأبعاد
الثلاثية , والفناءات الرائعة , وكانت تقام فيها شعائر
وطقوس قدس الأقداس , حيث دلت على ذلك البئر المقدس ,
وتتشابه هذا المعبد من حيث النمط موقعا بالقرب من موقع تل
سيانيت .
وكان الوصول إلى المعبد كانت محاطة بأبراج وبوابات حثيه
نموذجية , وصفوف من التماثيل المنحوتة على أشكال حيوانات
كبيرة وذلك وفق طراز ونمط حثيين .
أما أرضية المعبد رصفت وفرشت بأحجار كلسية بيضاء , لتقارن
وتنعكس مع التماثيل ذات اللون الرمادي .
وكحال الفخار والأدوات الفخارية , حيث تتواجد الأحجار
بأنواعه نظرا لوفرته في الموقع التي تتراوح في الطول و
العرض واستخدمت لأغراض شتى , واكتشفت أيضا الأدوات ,
الأختام الأسطوانية , الخرز والتمائم , والمنحوتات .
وان كثرة ووفرة الأحجار أثرت هنا بشكل طبيعي على الفن ,
والسمات المعمارية , واعتبارات جمالية , أما بالنسبة إلى
الأحجار المستوردة , كانت تتم توثيقها في الرقم الطينية ,
كتلك التي وردت ذكرها في أرشيف ماري , والتي اكتشف هنا
وهناك في ميزوبوتاميا , وعليها تم استيراد العديد من
الحجارة الغريبة عن المنطقة مثل الديوريت والغرانيت
بالإضافة إلى البازلت , وكلها أحجار نارية سوداء , حيث
نحتت منها تماثيل حيوانية فريدة من نوعها , هذه الميزة
جعلت من معبد عين دارا موقعا فريدا من نوعه.
ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى تلك الطبعات آثار الأقدام
التي نحتت أمام عتبة مدخل المعبد
اثنتان متجاورتان ومتشابهتان في الطول والعرض وثالثهم تمتد
إلى الأمام على مقربة دهليز مدخل المعبد حوالي متر واحد .
ولكن السؤال هو من صمم وحفر تلك الطبعات , ولماذا ؟
في الحقيقة هناك عدة نظريات ولكن أهمها
الأول : أن الموقع أنشأت للإلهة عشتار وللدلالة إلى قوة
وعظمة عشتار وأنها فعلا دخلت المعبد وخلفت ورائها آثار
أقدامها الكبيرتين .
والثانية : تدل أو ترشد المتعبد كيفية الدخول إلى المعبد.
ولكن مايثير العجب إن هذا التصميم وجدت في المعابد البوذية
في الهند .
عين دارا ازدهرت كثيرا بوجود تلك التماثيل المنحوتة على
هيئة الإنسان وأخرى أسطورية
وتظهر واحدة منها شخصية إلهية من بين رجلين على هيئة ثورين
, ومحاطة بتصاميم زهرية مجردة.
إن معرفتنا عن الحيوانات القديمة تعود بفضل ثلاث مصادر
رئيسية :
= التي وردت ذكرها في الرقيمات المسمارية مثل أرشيف ماري
= الأعمال الفنية من رسومات جداريه ومنحوتات بارزة ونافرة
والتماثيل المتنوعة
= والدلائل التي تم كشفها في الاحافير والتنقيبات الأثرية
كل هذا يدل على أن الميزوبوتاميين قد خلفوا لنا قوائم
طويلة من أسماء الحيوانات
بالإضافة إلى قطعان التي سجلت بأسماء المعابد , علاوة على
ذلك أسماء الحيوانات التي احتفظت بها الملوك في حدائقهم
الخاصة وتلك التي ذكرت كالهدايا بين الحكام , فقد تم الذكر
بان آشور ناصر بنيبال وسار جون الأشوري قد قتلوا الأسود ,
وذلك لتخليد أسمائهم .
وعلى الجانب الأخر تم اصطياد فرس النهر والفيلة بكثرة من
اجل الاستفادة من العاج , ولكن الدلائل تشير بان فرس النهر
والفيلة انخفضت أعدادها بشكل كبير في الألف الأول ق.م ,
ولم تذكر الفيلة إلا في موقع افاميا التي بناها الإسكندر
الكبير وجعل من سهل الغاب مربطا للفيلة .
إن شعوب الميزوبوتاميين ركزوا بشكل أساسي على الأسود ,
الثيران , الأغنام , وقطعان الماعز
وبدرجة أقل على الغزلان , الفيلة , الأحصنة � الحمير
والكلاب ., ولكن وجدت عظام الخنازير بكثرة في المواقع
الحثية حيث كان يتم تقديمها على شكل القرابين في المعابد ,
ولكن نرى إن هذه الأعداد من الخنازير تتناقص مع قدوم
الإسلام وتحريم لحم الخنازير في القرآن .
أما بالنسبة إلى الكلاب التي انحدرت من فصيلة الذئاب ,
فهناك دلائل تشير إن الكلاب هي أول ما دجنت في سوريا قبل
نحو أكثر من 10000الاف عام , فقد تم استخدامها للحراسة ,
وارتبطت أيضا بتعاويذ الشفاء .
ومن المهم التذكير إن كل الملوك في الشرق الأدنى قاموا
بتعظيم أنفسهم وذلك من خلال تصويرهم على هيئة حيوانات
مفترسة كبيرة كالثيران والأسود وذلك لدب الخوف والرعب في
نفوس الناس , وبأنهم فوق كل الناس , ولذلك نراهم ينصبون
التماثيل فوق القمم والتلال , كما هي الحال في معبد عين
دارا , ولسوء الحظ إن الطقس وعدم حماية الموقع , أتلفت
معظم التماثيل وبالكاد يتم التعرف عليها ,
وأكثر المنحوتات في عين دارا نحتت على شكل أسود كبيرة ,
وذلك كما ذكرنا لدب الرعب والمهابة في نفوس المتعبدين
والأسفنكس صورت على هيئة صور الحكام و والبعض منها نحتت
على شكل أنثى مؤطر بالشعر , لتدل على إلهة عشتار التي
تغيرت أسمها مع مرور الزمن عشتار , عشتاريت أو عشتا روت ,
أنات , وأر تميس .
إذا عين دارا يمثل موقعا متوارثا من السلالات الحثية التي
كانت مستقلة وغير مرتبطة , ومواقع أخرى ورثت من تلك
العائلة التي عاشت في كركميش بعد أن تم انهيار حاتوشا
العاصمة الحثية من قبل شعوب البحر الوحشي .
ومعبد عين دارا صممت لتكون واحدة من المعالم الدينية
الفريدة من نوعها في ذلك الزمن وذلك للممارسة طقوس العبادة
من قبل المتعبدون , وأصبحت مع مرور الزمن تلك المنطقة
الرعوية مؤهلة بالسكان , ولحسن الحظ تم إنقاذ الموقع بفضل
التنقيبات والترميمات التي بذلتها الجهود الحثيثة من قبل
البعثة اليابانية 1994 وتم الإشراف عليها من قبل السفير
الياباني شخصيا والجهود التي بذلتها الدكتورة يايوي
يامازاكي .
فقط يمكن لتلك الأزهار الصفراء التي تتفتح في شهر أيار أن
تعرف الحقيقة ولكن سوف لاتكشف السر أبدا.
الترجمة عن الإنكليزية الباحث
الأثري مجيد مجيد
عن مقالة كارول ميللر باحثة
أثرية أمريكية
|
|