|
|
|
|
|
|
Fexrî Abdo 17-7-2017
حكاية
حسو )
المصدر: موسوعة حلب المقارنة
للعلامة خير الدين الأسدي)
وصف لي شيخ كردي في جبل الأكراد بأنه فارس و أنه كانت له مغامرات
خطيرة. فسألته ان يقصّ عليّ شيئاً من مغامراته في عهد شبابه. ففرك
جبينه المغصّن و برقت عينه الوديعة و مضى يقول بلهجته العربية
الكردية: الدنيا كان شتا و ليل, و البرد بقصّ البسمار, و أختي
فاته زعلان. إي زعلان على أخوّا اللي انقتل غدر في متل هالليلة.
قلت للا: فاته, إشعلي نار. وقفت متل الأًبل (الكعب المنتصب) و
طلّعت بوچي و زورتني و قالت: شاڤ شاڤا ميرا. يعني: الليلة ليلة
الرجال. يا أستاذ, أش بدّي أحكي لك, الدم فار براسي و صرت متل
التور الهايج, الدنيا كلاّ ما عادت توقّف قدامو. و حالاً تحزّمت
بالپالتا (سلاح جارح ذو حد عريض) فوق عبايتي الحردونية, و دبكت
البصطار بإجري, و فتحت الباب و قلت: يا هري, يا وري (أي: إما تروح,
أو تجيء فهي مغامرة). دوس يا حسّو. دوس أنته مرد و الليل خالك.
و مشيت, و الهوا اللي عم بزمر بقول لي: إرجاع يا حسّو لبيتك.
قلت للو: خسا. و الرعد اللي عم بجعر متل الضبع بقول لي: إرجاع
لبيتك. قلت للو: خسا. و البرد اللي بوّظ السجر و الحجر و
المي و المطر بقول لي: يا حسّو إرجاع لبيتك. قلت للو: خسا. و
العتم السميك اللي ما بنشرو منشار بدن السجر بعزم تنين نشّارين
كمان بقول لي: لوْ حسّو إرجاع.. إرجاع. قلت للو: خسا. خسا. و
مشيت يا أستاذ. و مشيت عم بخبّط ببصطاري فوق التلج و فوق البوظ, و
إجري عم بتعمل حشت حفت (أي: ثمانية, سبعة. أي: تارةً تتجه إلى تحت
و تارةً إلى فوق) و تمّيت أمشي حتى وصلت لجبّانة ضيعة الدشمان ( :
العدو). و إلاّ زخّة مطر قوية: أهل الأرض بسمّوها قُرَب المي, و
أهل السما بقولو هي البحار كفتت فرد كفتة على الأرض. و ليش عم
بتضحك يا أستاذ من وصفي؟ لا تظن إنّو زدت في وصفا, خيوط المطر كانت
حبال جمّالية مرصوصة على بعضا وعم بتشدّا جان الأرض بساع بساع
(يريد: بسرعة). و قوام أنا رحت لسجرة دلب بعرفا في الجبانة قلبا
فاضي و كبير, و لسّع ما استرحت للي شوي و طالعت قداحتي لأشعل
غليوني و إلّا صوت مالقبر اللي جنب سجرتي و صوت و صوت وصوت!
طفّيت الغليون و رحت ـ مع المطر ـ حفر .. حفر. أحفر القبر و الصوت
كلمالو عم بزيد. و تمّيت أحفر لوقت ما وصلّت لكفن الميت. و قمت
الكفن عن وچ الميت و شعلت قداحتي. يا خدا كرمانجا (أي: يا إله
الأكراد) أش أشوف؟ أش أشوف؟ أشوف دشماني هوّه بذاتو. إي والله هوّه
بذاتو و هادا صوتو عم بيقول: أش صاير فيني؟ أنا فين؟ هداك الوقت
ضيّعت صوابي و تحيّرت, أش لازم أساوي؟ ما بعرف. جنازير الأفكار كل
جنزير بشدني لشي. جنزير بقول لي: ليخه ( : أقتله). و جنزير بقول
لي: اشحار ميت المطر من قبرو و رجّعوا متل ماكان. و جنزير بيقول
لي: بكرا أو بعد يومين اقتلوا قدّام أهل الضيعة, و جنزير.. و
جنزير.. و جنزير.. أخيراً قلت لحالي: و لك يا حسّو! هادا كلّو
عيب. أنا مالي خربو. ما ني عاجز عن قتلو بين أهلو. و طالعتو مالقبر
و شلحت عبايتي الحردونية و لبّستو ياها و مشيت و مشي معي و هو ما
بيعرفني. و صار يحكي لي إنّو في نهار هاليوم الماضي كان عرسو و كان
عم بلعب بالجريد و إلّا أجتو جريدة على صدرو, و هادا كل اللي
بيعرفو. قال الشيخ الكردي: وصّلتو لبيتو و رجعت لبيتي, و حكيت
لفاته اللي كانت عم تستناني. تعجّبِت, و قالت لي: منيح. و بعدا
حسيت بتعب و نمت. و عند العصر فيّقتني فاته. و إلاّ خيّالة جايين
صوبنا, و إلّا أبو دشماني و أهلو مع النسوان اللي عم بيزلغطوا,
تمّوا ماشيين حتى قربوا صوبنا, و زتّوا سلاحن قدامنا و صاحوا:
عرفنا الحكاية مالعباية الحردونية. هادا سلاحنا رميناه إلكن. أنتو
بتحسنوا تنتقموا و نحنه لا. نحنه أرواحنا لإرادتكن. قلت: و أنا
عيب أشهر سلاحي بوچ اللي ما عندو سلاح. تقدم أبو الميت و أمّو و
معن بنتن أخت الميت, قالوا: هي أختو تكون خدامة ببيتكن. و حالاً
انكتب الكتاب, و أجا الطبل و الزمر, و صارت الفرحة كومة فرحات.
|
|
|
|
|
|
|